الموضوع: هل يمكن الاستغناء عن الفرضية في البحث العلمي؟
مقدمة:
إن الفرضية هي تلك الفكرة التي توحي بها الملاحظة للعالم ، فتكون بمثابة خطوة تمهيدية لوضع القانون العلمي ، أي فكرة مؤقتة يسترشد بها المجرب في إقامته للتجربة ، لأن الباحث يلاحظ الظاهرة أولا ثم يحاول فهمها وتفسيرها فيقترح لها حلا ، فتكون الفرضية بذلك عبارة عن مشروع قانون يضعه العالم بناء على ما تجمع لديه من ملاحظات وتصورات حول الظاهرة .إلا أن مكانة الفرضية ودورها في البحث العلمي كانت محل اختلاف بين أصحاب النزعة العقلية المناصرون لدور الفرض العلمي وبين أصحاب النزعة التجريبية القائلين بضرورة التخلي عنه . وعليه : فهل الفرضية ضرورية وبإمكانها أن تقود خطى المجرب في البحث أم أنها تمثل عائقا في البحث فيجب استبعادها منه؟
عرض الأطروحة:
يذهب أنصار الاتجاه العقلي إلى أن الفرضية كفكرة تسبق التجربة أمر ضروري في البحث التجريبي ؛ لأن الفرضية هي مجهود عقلي يستهدف إيجاد حل يخلص الباحث من التناقض الذي طرحته الظاهرة المشكلة ، ولأن الكشف العلمي يعود إلى تأثير العقل أكثر مما يعود إلى تأثير الحوادث .ومن أهم المناصرين للفرضية كخطوة ضرورية في المنهج التجريبي نجد كلود برنارد . الذي يؤكد دور الفرض دون أن يحط من دور التجربة حيث يقول كلود برنارد :" إن الحادث يوحي بالفكرة(الفرضية) ، والفكرة تقود إلى التجربة وتحكمها ، والتجربة تحكم بدورها على الفكرة" .
ويقول أيضا :"الفكرة هي مبدأ كل برهنة وكل اختراع ، وإليها ترجع كل مبادرة"
،كما يعتبر هنري بوانكاريه خير مدافع عن دور الفرضية حيث اعتبر أن الفكرة التي يسترشد بها الباحث في عمله تكون من بناء العقل وليس بتأثير من الأشياء الملاحظة.حيث يقول بوانكاريه :" إن التجريب دون فكرة سابقة غير ممكن ،لأنه سيجعل كل تجربة عميقة ،ذلك لأن الملاحظة الخالصة والتجربة الساذجة لا تكفيان لبناء العلم"
ويقول : "كما أن كومة الحجارة ليست بيتا ، فكذلك تجميع الحوادث ليس علما "
نقد:
لكن اعتماد الباحث على عقله وخياله في تصور الحل الملائم للظاهرة المشكلة قد يبعده عن حقيقة الظاهرة ، ثم إن الفرضية لا تكون صحيحة دائما ، إذ أن الفرض لا يكون علميا ولا يكون مفيدا في البحث إلا إذا توفرت فيه شروط معينة لذلك .
عرض نقيض الأطروحة:
ويذهب أنصار الاتجاه التجريبي إلى أن الفرضية تقوم على خيال الباحث في تصور الحل ، وأن الخيال يشكل عائقا في وجه الباحث ، مما يشكل عائقا في البحث العلمي ولهذا يرى التجريبيون ضرورة استبعاد الفرضية من البحث التجريبي واستبدالها بقواعد الاستقراء ، فهم يرون في الاستقراء الطريقة المثلى في تحصيل القوانين العامة انطلاقا من الحالات الخاصة ، ولهذا كان فرانسيس بيكون ينصح العالم بأن يترك الأشياء تسجل حقائقها دون أن يعطلها ، وكان ماجندي يقول لتلميذه كلود برنارد :"اترك عباءتك وخيالك عند باب المخبر "، أما جون ستيوارت ميل فكان يقول :" إن الطبيعة كتاب مفتوح و لإدراك القوانين التي تتحكم فيها ما عليك إلا أن تطلق العنان لحواسك أما عقلك فلا " ، وهو ما دفع به إلى اصطناع بعض الطرق الاستقرائية التي تمكن الباحث من فهم الظاهرة ، والوقوف على عللها ، دون الخروج عن الطابع الحسي للظاهرة، و المتمثلة في قاعدة التلازم في الحضور و التلازم في الغياب و التغير و طريقة البواقي اظافة إلى أسس الاستقراء المتمثلة في مبدأ الحتمية و مبدأ اطراد الظواهر و مبدأ العلية...
نقده :
لكن عقل العالم أثناء البحث ينبغي أن يكون فعالا ، وهو ما تغفله قواعد جون ستيوارت ميل التي تهمل العقل ونشاطه في البحث رغم أنه الأداة الحقيقية لكشف العلاقات بين الظواهر عن طريق وضع الفروض ، فدور الفرض يكمن في تخيل ما ظهر
التركيب:
مما لا شك فيه أن الطرق الاستقرائية تفيد العالم وتجعله يقف على فهم الظاهرة ومعرفة عللها دون تجاوز الطابع الحسي لها ، ولكن هذه الطرق لا يمكنها أن تحل محا الفرض العلمي ، فدونه لا يقوم نشاط علمي ، ودون عقل مفكر يجمع بين الحوادث لا يحصل إدراك ولا معرفة ، وعليه تبقى الفرضية من أكثر خطوات المنهج التجريبي فعالية ، وقد أكد غاستون باشلار المعنى التكاملي بين كل من الفرض والتجربة ، فالفرض الفاشل يساهم في إنشاء الفرض الناجح عن طريق توجيه الفكر .
الخاتمة:
إن الفرضية نقطة هامة من نقاط المنهج التجريبي ، اعتبرها كلود برنارد نقطة بداية لكل بحث تجريبي باعتبارها أمرا عفويا يندفع إليه العقل البشري بطبيعته ، وتعبير عن عبقرية الباحث وقدرته على تجسيدها في شكل قانون علمي ، وعليه فالفرضية ضرورية لا يمكن إنكارها أو استبعادها من البحث التجريبي.
مقدمة:
إن الفرضية هي تلك الفكرة التي توحي بها الملاحظة للعالم ، فتكون بمثابة خطوة تمهيدية لوضع القانون العلمي ، أي فكرة مؤقتة يسترشد بها المجرب في إقامته للتجربة ، لأن الباحث يلاحظ الظاهرة أولا ثم يحاول فهمها وتفسيرها فيقترح لها حلا ، فتكون الفرضية بذلك عبارة عن مشروع قانون يضعه العالم بناء على ما تجمع لديه من ملاحظات وتصورات حول الظاهرة .إلا أن مكانة الفرضية ودورها في البحث العلمي كانت محل اختلاف بين أصحاب النزعة العقلية المناصرون لدور الفرض العلمي وبين أصحاب النزعة التجريبية القائلين بضرورة التخلي عنه . وعليه : فهل الفرضية ضرورية وبإمكانها أن تقود خطى المجرب في البحث أم أنها تمثل عائقا في البحث فيجب استبعادها منه؟
عرض الأطروحة:
يذهب أنصار الاتجاه العقلي إلى أن الفرضية كفكرة تسبق التجربة أمر ضروري في البحث التجريبي ؛ لأن الفرضية هي مجهود عقلي يستهدف إيجاد حل يخلص الباحث من التناقض الذي طرحته الظاهرة المشكلة ، ولأن الكشف العلمي يعود إلى تأثير العقل أكثر مما يعود إلى تأثير الحوادث .ومن أهم المناصرين للفرضية كخطوة ضرورية في المنهج التجريبي نجد كلود برنارد . الذي يؤكد دور الفرض دون أن يحط من دور التجربة حيث يقول كلود برنارد :" إن الحادث يوحي بالفكرة(الفرضية) ، والفكرة تقود إلى التجربة وتحكمها ، والتجربة تحكم بدورها على الفكرة" .
ويقول أيضا :"الفكرة هي مبدأ كل برهنة وكل اختراع ، وإليها ترجع كل مبادرة"
،كما يعتبر هنري بوانكاريه خير مدافع عن دور الفرضية حيث اعتبر أن الفكرة التي يسترشد بها الباحث في عمله تكون من بناء العقل وليس بتأثير من الأشياء الملاحظة.حيث يقول بوانكاريه :" إن التجريب دون فكرة سابقة غير ممكن ،لأنه سيجعل كل تجربة عميقة ،ذلك لأن الملاحظة الخالصة والتجربة الساذجة لا تكفيان لبناء العلم"
ويقول : "كما أن كومة الحجارة ليست بيتا ، فكذلك تجميع الحوادث ليس علما "
نقد:
لكن اعتماد الباحث على عقله وخياله في تصور الحل الملائم للظاهرة المشكلة قد يبعده عن حقيقة الظاهرة ، ثم إن الفرضية لا تكون صحيحة دائما ، إذ أن الفرض لا يكون علميا ولا يكون مفيدا في البحث إلا إذا توفرت فيه شروط معينة لذلك .
عرض نقيض الأطروحة:
ويذهب أنصار الاتجاه التجريبي إلى أن الفرضية تقوم على خيال الباحث في تصور الحل ، وأن الخيال يشكل عائقا في وجه الباحث ، مما يشكل عائقا في البحث العلمي ولهذا يرى التجريبيون ضرورة استبعاد الفرضية من البحث التجريبي واستبدالها بقواعد الاستقراء ، فهم يرون في الاستقراء الطريقة المثلى في تحصيل القوانين العامة انطلاقا من الحالات الخاصة ، ولهذا كان فرانسيس بيكون ينصح العالم بأن يترك الأشياء تسجل حقائقها دون أن يعطلها ، وكان ماجندي يقول لتلميذه كلود برنارد :"اترك عباءتك وخيالك عند باب المخبر "، أما جون ستيوارت ميل فكان يقول :" إن الطبيعة كتاب مفتوح و لإدراك القوانين التي تتحكم فيها ما عليك إلا أن تطلق العنان لحواسك أما عقلك فلا " ، وهو ما دفع به إلى اصطناع بعض الطرق الاستقرائية التي تمكن الباحث من فهم الظاهرة ، والوقوف على عللها ، دون الخروج عن الطابع الحسي للظاهرة، و المتمثلة في قاعدة التلازم في الحضور و التلازم في الغياب و التغير و طريقة البواقي اظافة إلى أسس الاستقراء المتمثلة في مبدأ الحتمية و مبدأ اطراد الظواهر و مبدأ العلية...
نقده :
لكن عقل العالم أثناء البحث ينبغي أن يكون فعالا ، وهو ما تغفله قواعد جون ستيوارت ميل التي تهمل العقل ونشاطه في البحث رغم أنه الأداة الحقيقية لكشف العلاقات بين الظواهر عن طريق وضع الفروض ، فدور الفرض يكمن في تخيل ما ظهر
التركيب:
مما لا شك فيه أن الطرق الاستقرائية تفيد العالم وتجعله يقف على فهم الظاهرة ومعرفة عللها دون تجاوز الطابع الحسي لها ، ولكن هذه الطرق لا يمكنها أن تحل محا الفرض العلمي ، فدونه لا يقوم نشاط علمي ، ودون عقل مفكر يجمع بين الحوادث لا يحصل إدراك ولا معرفة ، وعليه تبقى الفرضية من أكثر خطوات المنهج التجريبي فعالية ، وقد أكد غاستون باشلار المعنى التكاملي بين كل من الفرض والتجربة ، فالفرض الفاشل يساهم في إنشاء الفرض الناجح عن طريق توجيه الفكر .
الخاتمة:
إن الفرضية نقطة هامة من نقاط المنهج التجريبي ، اعتبرها كلود برنارد نقطة بداية لكل بحث تجريبي باعتبارها أمرا عفويا يندفع إليه العقل البشري بطبيعته ، وتعبير عن عبقرية الباحث وقدرته على تجسيدها في شكل قانون علمي ، وعليه فالفرضية ضرورية لا يمكن إنكارها أو استبعادها من البحث التجريبي.